السبت، 11 يونيو 2011

العم محمود





  
في احد الأيام  كنت جالسه في شرفتي المطلة على شارع صغير يضج بالناس وبيدي كوب قهوتي ارتشفها  من حين لأخر .... 
أخذت أتابع بائع الجرائد وكان رجلاً كبير يدعى العم محمود كبير في السن رسم عليه الزمن التجاعيد وهموم السنين ..
يجلس خلف منضده صغيره مليئه بالجرائد والمجلات مفروشتاً أمامه كإيحاء للمارة لا  ينظر إليهم فمن اشترى باعه بصمت ومن أعرض لم يناده أو يتوسل إليه ويلح عليه.‏
بيده كوب صغير من الشاي  ويده ترتعش من سخونة الكوب  ينظر الى الشارع
 و يستمع إلى مذياعه الذي لم يفارقه طوال حياته ولم تفته نشرة أخبار من شتى المحطات، كان ولوعاً بالانصات إلى ذلك المذياع ، فمعه يعيش في عالم مقطوع تماماً عن المحيط الخارجي حوله.‏  أخذت أتابعه  ، السكون يضج به المكان، رغم كثر المارة ...  وعند المساء  يقفل هذا الكشك الصغير ويشتري بعض من الخبز الساخن  ويعود لبيته في أخر الشارع  ..أصبحت مدمنه على
متابعته  اجدني استمتع بذلك وكنت أتمنى أحيانا إن انزل وأساعده ..
اليوم لم أتابع العم محمود فضلت متابعة التلفاز  ..سمعت صوت ضجيج من الشارع وصراخ رهيب انتصبت له نبضاتي قلبي  .
بدون أوامر مني ركضت قدمي حاملة جسدي الذي يعاني من حالة ذهول مربك.. نظرت من النافذة  واذا بالعم محمود ملقى على الأرض  رآعني  هذا المنظر والناس حوله حلقة من الحزن والإستنكار المسيطر  حاولت البكاء ولكن لم استطع ...في لمحة سريعه تأتي سيارة الأسعاف وتحمله وترحل به بعيداً  .. أخذت اتلصص من خلف نافذتي بلا حراك ومن حين لآخر  أتمنى  لو اني كنت  بالأسفل  اخذت قراري بالنزول واسرعت لا أعلم كيف اختصرت الأدوار بالنزول    ..وجدت نفسي امام الباب وطفلاً صغير ينظر إلي وكانه يريد ان يخبرني .. نظرت إليه وعيني مملؤة بالدموع  فقال بصوته الصغير العم محمود بخير ولكنه  سقط من التعب والاعياء .. 
آآآآآآآآآآه كم كان منظره يمزقني وانا أراه  مزجى على قارعة  الطريق صامتاً  بلا حراك ، آه حزني يطوق عالمي وأنا أرى الناس تضرب أكفها حزناً عليها ....
شكرت الصغير وطبعت عليه قبلة حانيه .......وعدت لشقتي وكلي أملاً ان  يشفي الله العم محمود



ليست هناك تعليقات:

ضِمنَّ الأبجَدِيَّة ..